التنظيم القضائي بالمغرب
إطلالة عن اهم مقتضيات مشروع قانون 38.15 المتعلق بالتنظيم القضائي مرفوقة بكتاب الدكتور عبد الكريم الطالب على صيغة “بدف”
يعتبر قانون التنظيم القضائي الذي تمت المصادقة عليه من طرف البرلمان من القوانين الرئيسية المهيكلة للقضاء المغربي في ما له صلة بالمؤسسات والقضاة، ويمكن أن نصنفه في المرتبة الثالثة بعد القانونين التنظيمين المتعلقين بالمجلس الأعلى للسلطة القضائية والنظام الأساسي للقضاة؛ كما أنه يأتي بعد أزيد من أربعين سنة من تطبيق ظهير 15 -07- 1974 المتعلق بالتنظيم القضائي للمملكة الحالي. وقد جاء القانون الجديد الذي نحن بصدده في ظرفية خاصة تميزت بارتقاء دستور 2011 بالقضاء كسلطة قائمة الذات ومستقلة عن السلطتين التنفيذية والتشريعية، وجاء ليتبنى خلاصات توصيات جلسات الحوار الوطني حول الإصلاح الشامل والعميق لمنظومة العدالة، كما سعى إلى إعادة النظر في تنظيم تشريعي أرهقته كثرة التعديلات وأخرجته عن روحه بسبب جملة من التجارب التي كان التنظيم القضائي المغربي حقلا لها.
[quads id=16]
أهم مستجدات قانون التنظيم القضائي الشكلية
تضمن المشروع الجديد حوالي 120 فصلا مقابل 28 فصلا في القانون الحالي، بمعنى أن عدد المواد تضاعفت الآن أربع مرات.
وحملت زيادة المواد هاته طفرة كمية تهم التغييرات على مستوى الشكل والمضمون. أهمها من ناحية الشكل أننا أصبحنا الآن أمام مدونة متكاملة للتنظيم القضائي، تم في طياتها دمج كل النصوص المتفرقة هنا وهناك في قوانين مستقلة أو خاصة، وذلك من قبيل الأحكام المتعلقة بتنظيم قضاء القرب الذي ينظمه الآن قانون مستقل؛ وكذلك الأمر بالنسبة للمحاكم الإدارية ومحاكم الاستئناف الإدارية والمحاكم التجارية ومحاكم الاستئناف التجارية؛ وبعض المقتضيات المدمجة في صلب قانوني المسطرتين (المدنية والجنائية).
أهم مستجدات قانون التنظيم القضائي الموضوعية
في البداية لا بد من الإشارة إلى أن هذا القانون يحتاج في تحليله إلى أكثر من قراءة متخصصة للوقوف على الجوانب الإيجابية فيه، وكذا ما يمكن أن يكون قد حمله من سلبيات على مستوى المواضيع التي ينظمها، بدءا من تصنيف المحاكم وتقييمها إلى تنظيمها الداخلي، والجديد الذي حمله تنظيم عمل الجمعيات العامة داخل المحاكم كآليات من آليات دمقرطة اتخاذ القرار، وخصوصا في ما له ارتباط وثيق باستقلالية القرار القضائي، فضلا عن مواضيع أخرى لها ارتباط بمجال الإدارة القضائية ككل ودور مساعدي القضاء في تحقيق النجاعة القضائية.
“وعليه فإننا سنشير فقط إلى بعض المستجدات التي حملها القانون المذكور بشكل عام، على أمل أن تكون هناك مناسبات أخرى لتحليل كل مستجد على حده من حيث فعاليته وناجعته وتأثيره على مبدأ استقلال القضاء الذي يبقى الضابط الأساسي في القوانين المنظمة للمرافق القضائية ولحقوق المتقاضين”.
وهكذا تضمن القانون الجديد عدة مستجدات أهمها:
– تضمن القانون التذكير ببعض المبادئ التي تهم وحدة القضاء واستقلاله وحقوق المتقاضين.
– كرس القانون الجديد أحقية الحكومة بمقتضى مراسيم في التوزيع الجغرافي للمحاكم (الخريطة القضائية) وأضاف بعض المقتضيات والمعايير الجديدة المتعلقة بضرورة استطلاع رأي المجلس الأعلى للسلطة القضائية والهيئات المهنية المعنية، ومراعاة حجم القضايا والمعطيات الجغرافية والديمغرافية والاجتماعية، وكذا التقسيم الإداري عند الاقتضاء، وكذا المعطيات الاقتصادية والمالية إذا تعلق الأمر بإحداث محاكم تجارية”.
– إحداث مؤسسة جديدة داخل المحاكم، وهي مكتب المحكمة، مع منحها اختصاص إعداد مشروع جدول أعمال الجمعية العامة للمحكمة.
– تنظيم مؤسسة الجمعية العامة بالمحاكم وتوضيح اختصاصها وطريقة عملها وانعقادها، وهو ما لم يكن في قانون التنظيم القضائي الحالي لسنة 1974، إذ لم يكن هناك أي نص يوضح طريقة انعقاد هذه الجمعية وطريقة اتخاذ القرار داخلها، وهو ما تفاداه القانون الجديد. مع المستجد الكبير، وهو إدخال مؤسسة الجمعية العامة إلى محكمة النقض لأول مرة في تاريخ المغرب، وهي من المطالب التي كانت تنادي بها بعض الجمعيات المهنية في المغرب.
– النص على دور المسؤولين القضائيين (رؤساء المحاكم بمختلف الدرجات) داخل المحاكم. وهناك بعض المؤاخذات في هذا القانون بخصوص هذا الجانب يمكن العودة إليه لاحقا.
– إسناد مهمة التواصل مع الرأي العام والصحافة إلى المسؤول القضائي بالمحكمة، مع إمكانية تفويضها.
– نص القانون الجديد على إمكانية إنشاء الأقسام التجارية المتخصصة والأقسام الإدارية المتخصصة داخل المحاكم الابتدائية والاستئنافية، وهو الموضوع الذي أثار جدلا واسعا أثناء نقاش القانون عندما كان مجرد مشروع. ويبدو أن الاتجاه العام الآن يذهب إلى الحفاظ على المحاكم المتخصصة الموجودة الآن، مع فتح إمكانية إحداث هذه الأقسام إذا دعت إليها الضرورة لعقلنة الخريطة القضائية والتغلب على بعد المسافات في بعض المناطق.- تحديد اختصاصات وزارة العدل داخل المحاكم وتحديد منظومة التدبير.
[quads id=16]– إحداث مؤسسة الكاتب العام للمحكمة واختصاصاته وعلاقته بالوزارة المكلفة بالعدل والمسؤولين القضائيين، وهو المنصب الذي يرى العديد من المتتبعين أنه تجسيد عملي للحضور الإداري لوزارة العدل داخل المحاكم في مقابل حضور المجلس الأعلى للسلطة القضائية بالقضاة والمسؤولين القضائيين (رؤساء المحاكم).
– مجالات التفتيش التي ستختص بها المفتشية العامة للشؤون القضائية، والتي تم الاكتفاء فيها بالإحالة على القانون الذي سوف ينظمها. وبالمقابل تم التفصيل في صلاحيات المفتشية العامة التابعة للوزارة المكلفة بالعدل، وخاصة في ما له صلة بالجانب المالي والإداري.
– إحداث هيكلة إدارية جديدة للمحاكم، وخاصة في ما له صلة بكتابة الضبط وإسناد بعض الاختصاصات إلى مؤسسة الكاتب العام الجديدة.
– إحداث بعض اللجان لتدارس القضايا التي تهم حل الإشكالات العالقة بالمحاكم وتسيير العمل بها، من قبيل اللجنة المكونة من رئيس المحكمة ووكيل الملك ونقيب المحامين؛ على أن القانون ترك الباب مفتوحا ونص على أنه يمكن إنشاء اللجان نفسها مع مهن قانونية أخرى بنفس التركيبة، مع تعويض نقيب المحامين بممثل الهيئة المعنية.- تحديد اختصاص مكاتب المساعدة القضائية.
[quads id=16]هذه بعض المستجدات التي جاء بها القانون الجديد المتعلق بالتنظيم القضائي المغربي بشكل عام، على أمل العودة لتحليل بعض منها ورصد إيجابيات ها كما سلبياتها إن وجدت، ومدى تأثيرها على الواقع القضائي المغربي باعتماد ضابطين أساسيين في هذا الإطار؛ وهما نجاعة هذا القانون ومدى وأقعيته، وكذا احتمال أن تكون فيه مظنة المس باستقلال القضاء بأي شكل من الأشكال، وبأي مستوى من المستويات.
” تنبيه هذه المستجدات تم اقتباسها من خلال مقال الأستاذ ع اللطيف الشنتوف رئيس نادي قضاة المغرب”
تحميل كتاب التنظيم القضائي بالمغرب